بدأ الاسلام غريبا


سئل أحد العلماء الراحلين رحمه الله: ما الجمع بين حديث «بدأ الإسلام غريبًا» وحديث: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق»؟ فأجاب رضي الله عنه: لا منافاة بينهما: فالأولُ ظاهرٌ من الواقع. وتمامه: «فسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء» وفي رواية لغير مسلم: «يحيون ما أمات الناس من سنتي» وفي رواية أخرى: «الذين يصلحون ما أفسد الناس». والحديث الثاني يدل على بقاء الإصلاح والدعوة والعلم والتعليم، وفيه بشارة أنّ هنالك طائفةً لا تزال ظاهرةً على الحق، فالغربةُ لا تنافي الطائفة، ولا يلزم أنْ تكون بمكانٍ واحدٍ، والحقُّ لا بد من بقائه حتى يخرج الدجَّال، وحتى تأتيَ الرِّيح، (وذلك في آخر الزمان، حين تظهر الآيات ويفلق باب التوبة). ثم إنّ هذه الغربة قد تزداد في مصرٍ من الأمصار وتقل في مصرٍ آخرَ، وقد تكون الغربةُ ذاتَ معانٍ متعددة: في كثرة البدع أو إنكار صلاة الجماعة أو عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أعظمها: غربةُ أهل التوحيد وظهورُ الشرك. نسأل الله العافية. وقد يظهر الإسلام في ناحية ويكون فيها أحسن مما قبل كما هو الواقع، وقد يكون في زمان أفضل من زمان آخر. أما حديث: «لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه» فهو محمولٌ على الأغلب فلا يمنع أنْ يكون في بعض الزمان أحسن مما قبله، كما جرى في زمان عمر بن عبد العزيز فإنّ زمانه أحسنُ من زمان سليمان والوليد، من ظهور السُّنة والرد على المبتدعة