فضل قيام الليل

٢٠١٥٠٢٢٦٠٨٥٦٤٩يكفي للمرء فخراً أن يشعر للحظة بعظم مكانته عند الله ،وكان حقاً على تلك الكلمات أن تحقق كل ما هو مطلوب كي يغير المرء من نفسه ولو بقدر قليل؛فلو تأملنا معا هذا الحديث القدسي لاستنبطنا من جوهره الكثير:فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى قال : من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب،وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه،ولا يزال عبدي يتقرب إليَ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به،ويده التي يبطش بها،ورجله التي يمشي بها،ولئن سألني لأعطينه،ولئن استعاذني للأعيذنه).حقا إنها لكلمات تبعث في النفس الشيء الكثير،فها هو مولانا يحثنا على أن نتقرب إليه بالنوافل بعد تأدية الفرائض بالوجه الصحيح،ولعلنا نجمع على أن قيام الليل هو أحد النوافل المحببة إلى الله ،والتي يرتفي صاحبها إلى منزلة أحباب الله،حتى يغدو الله خير معين له في كل مسارات حياته. لو ارتأينا لتعداد فضائل قيام الليل لاستطعنا أن نحصد العديد منها: أولاً: تزيد من شرف المؤمن وترفع قدره عند الله،فقد قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:( أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس }. ثانياً: ومما لا شك به أن قيام الليل من أعظم الأعمال التي يثاب عليها المؤمن بثواب لا تعلم مدى عظمته ولا روعته،كما في قوله تعالى:(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون*فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون). ثالثاً: لقيام الليل أثر عظيم في إسدال الرضا والطمأنينة على قلب المؤمن،كما في قوله عز وجل:(ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى). رابعاً:يعطى مقيم الليل نورا وضياء في وجهه عند مداومته على هذه العبادة،فقد سئل الحسن البصري:ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها؟قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره. خامساً:قيام الليل من أعظم القربات إلى الله؛فالعبد عند القيام يختلي بربه ويتصل به بعيدا عن أعين الناس فيبثه همومه ويسأله حوائجه ليجد الله خير مجيب له،فقد قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:(ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر). سادساًَ: كما أن قيام الليل يعتبر دأب النبى-صلى الله عليه وسلم-فليس ثمة أمر أعظم من أن نجعل حببيبناالمصطفى خير قدوة لنا؛فها هي عائشة-رضي الله عنها-تروي لنا:(كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ،إذ لا شك أن قيام الليل من أعظم العبادات التي نظهر فينها شكرنا لله على عظيم نعمه وبديع آلائه. كل تلك الفضائل تدعونا وبشكل علني إلى أن نسلك هذا الدرب ونجعله نهجنا لنحظى بخير الجنان عند مولانا،ففي قوله عز وجل "يا أيها المزمل*قم الليل إلا قليلاً خير دليل على أن المولى ينادينا أن هلموا إلى نعمي الخفية وثوابي الذي لا ينفذ.